الموضع الثالث: في ذكر حجج العدلية وما يرد عليها ورده وذكر شيء مما اختلفوا فيه
  ولا ذماً وهي كذلك، وقالت بعض البغدادية وغيرهم: بل هي مما يحكم بقبحه وهو بناءً على أن الأصل في الأشياء الحظر، وقالت الأشاعرة: لا يحكم العقل فيها بأيهما بناءً على أصلهم، وبهذا تم الكلام على الموضع الثاني والحمد الله.
الموضع الثالث: في ذكر حجج العدلية وما يرد عليها ورده وذكر شيء مما اختلفوا فيه
  ولهم على ذلك حجج قاطعة، وبراهين ساطعة:
  أحدها: تصويب العقلاء من المسلمين والكفار مَنْ مَدَحَ المحسن أو أحسن إليه، أو ذم المسئ أو عاقبه بلا فرق بين المتراخي وغيره، وليس هذا التصويب إلا لمعرفتهم حسن المدح والثواب للمحسن، والذم والعقاب للمسيء، وحسن الفعل المسبب لذلك أو قبحه، وأنه متعلقه(١) بلا فرق بين تعجيل مدحه والإحسان إليه، أو ذمه وعقابه وتأخيرها، ولو كان بينهما فرق لأنكروا على فاعلها بعد مضي مدة طويلة أو قصيرة، فإن قيل: لا نسلم أن ذلك لما ذكرتم، بل نقول إنما ذلك لتأديب الشرع، لكن لما استمر الناس عليها التبست بالقضايا العقلية.
  قيل: لو كان ذلك كذلك لما اشترك فيه جميع العقلاء من الموحدين والملحدين واليهود والنصارى والمجوس وغيرهم.
(١) أي متعلق ذلك المشار إليه وهو المدح والثواب والذم والعقاب، تمت مؤلف.