مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثالثة [في أن القرآن كلام الله]

صفحة 1495 - الجزء 3

  من الخطر، وهو أنه يصح التكفير بالإلزام إذا علم لزوم الكفر ضرورة وإن أنكره الخصم؛ لأن ما كان معلوم اللزوم ضرورة فالحكم في حق الملتزم له أنه وإن أنكر بلسانه فليس منكراً بجنانه لوجوب اشتراك العقلاء في الضروريات، فيجب صحة التكفير بالإلزام، وعدم التزام الخصم لا يدفع عنه الكفر حيث علم لزومه له ضرورة.

  قال #: وليس كذلك فيما علم لزوم التكذيب فيه استدلالاً، لا يعني تكذيب النبي ÷ لتجويز كونه لم ينظر فلم يعلم أن مذهبه تكذيب، فليس بمكذب؛ إذ المكذب إنما هو من قال لغيره: كذبت، أو اعتقد كونه كاذباً، وهذا ليس كذلك.

  قال #: فلزم ثبوت التكفير بالإلزام الذي علم لزومه ضرورة وإن أنكره الخصم. وهذا القدر كاف هنا فيما يتعلق بالكفر وبيانه، وسيأتي الكلام إن شاء الله على أنواع الكفر المتفق عليه، والمختلف فيه مفصلاً في مواضعه.

المسألة الثالثة [في أن القرآن كلام الله]

  احتجت المعتزلة بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ...} ونحوها مما أخبرنا الله به عن شيء ماض كقوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ}⁣[الحجر: ٩] {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا}⁣[نوح: ١] على أن كلام الله محدث، سواء كان الكلام هذه الحروف والأصوات، أو كان شيئاً آخر. وينبغي قبل تحرير الدليل أن نذكر أقوال العلماء في المسألة، واختلافهم؛ ليكون هذا الموضع مغنياً عن ذكر أقوال المخالفين في غيره من مواضع الاستدلال فنقول: