المسألة الثانية [في الكفر]
  وأيضاً، فقد قال تعالى في قصة إبراهيم #: {فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ}[التوبة: ١١٤] وقال: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى}[النساء: ١١٥] والتبيّن لا يقع إلا بعد طلب البيان، وذلك بالنظر في أدلة العقل والنقل.
  وإذا كان التبيّن يستلزم الطلب كان ذلك دليلاً على أنه يجب علينا معرفة ما يصير به المؤمن مؤمناً لنتبع سبيله ونواليه، وما يصير به كافراً أو فاسقاً لنتبرأ منه ونعاديه، وإلا فلا نأمن موالاة أعداء الله، ومعاداة أوليائه، فنقع في المعصية. وأيضاً فإنا قد: نعلم المعصية ولا نعلم حكمها هل هي مخرجة لمرتكبها من الإيمان أم لا؟ وهل هي فسق أم كفر؟ وحينئذٍ لا بد من النظر في شأنها؛ ليمكننا إجراء حكمها الذي أمرنا بإجرائه على صاحبها أمراً مطلقاً، فوجب معرفة ذلك لأجل الأمر المطلق.
تنبيه [الخلاف في أسباب الكفر]
  اعلم أنه قد كثر اختلاف العلماء فيما به يصير الإنسان كافراً، وتوسع بعضهم في ذلك، وعد جملاً مستكثرة جداً، وقد ثبت أن الكفر يترتب عليه الإحباط، وفسخ النكاح حيث ارتكبه أحد الزوجين المسلمين، وقضاء ما فعل من الواجب حال التلبس به عند جماعة من العلماء منهم أبو حنيفة، وغير ذلك من الأحكام.
  قالوا: فالواجب على كل من له مسكة في دينه أن يعرف اختلاف العلماء في ذلك حتى يجتنب ما عده بعضهم كفراً، وإن خالفه الجمهور؛