مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الخامسة [دلالة الآية على أخذ العوض على الفتيا والقضاء]

صفحة 3271 - الجزء 5

  قلنا: كلا الأمرين ليسا من محل النزاع. وحاصل الكلام في المسألة أن من لا يمكنه التوصل إلى حقه أو دفع الضرر عن نفسه إلا بإعطاء شيء من ماله فإنه يجوز له ذلك، ولا دليل يقتضي تحريمه، بل لا يبعد القول بالوجوب إذا كان المال الذي يستخرجه أكثر من المدفوع، والضرر الذي يدفعه أعظم من ضرره بإعطاء المال الذي يدفع ذلك الضرر بإعطائه، للنهي عن إضاعة المال ووجوب دفع الضرر عن النفس؛ وكذلك يجب دفع المال لدفع الظلم عن الغير، إن كان لا يمكن دفعه إلا بذلك لوجوب نصر المؤمن، بل وغيره ممن لم يرد الشرع باستباحة دمه وماله، وأدلة ذلك معلومة عقلاً ونقلاً، وهي عامة تتناول وجوب نصرته بكل ممكن من مال وغيره.

  قال بعض العلماء: دفع المظالم عن الخلق من فروض الأعيان على أولي الأمر، ومن فروض الكفاية على غيرهم، فإن قام به واحد سقط عن الباقين، وإن تخلى عن المظلوم أحد من الناس وأعانه آخر لم يأثم المتخلي، حتى لو تخلى الناس كلهم عنه أثموا.

  هذا، وأما الرائش وهو الساعي بينهما فحكمه حكم من هو في جانبه من راش ومرتش، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر.

تنبيه [فسق الحاكم الآخذ للرشوة]

  نص الهادي والإمام يحيى على فسق الحاكم بأخذ الرشوة، للوعيد واللعن، واختاره في (الهداية)، وهو الذي تقضي به الأدلة السابقة، ومثله ذكر ابن حجر الهيثمي.