المسألة الرابعة [شبهة الاحتجاج بالآية على نفي عذاب القبر]
  ومنها: الدلالة على أن من حب الدنيا المذموم الحرص على الدنيا والبخل بها، وأنه ليس المذموم منها محبة الجاه والشرف فقط. كما قاله بعضهم؛ إذ مثل هذا الهندي لا يطلب بفعله هذا شرفاً. وهذه الحكاية ذكرها المقبلي في ما كتبه على تكملة (الأحكام) من آخر البحر فيفصل في حب الدنيا.
الحكاية الخامسة
  ما ذكره العلامة ابن حجر الهيثمي المكي الشافعي | في كتابه (الزواجر عن اقتراف الكبائر) حاكياً له عن نفسه، قال: كنت وأنا صغير أتعاهد قبر والدي | للقراءة عليه، فخرجت يوماً بعد صلاة الصبح بغلس في رمضان، بل أظن أن ذلك كان في العشر الأخيرة بل في ليلة القدر، فلما جلست على قبره وقرأت شيئاً من القرآن ولم يكن بالمقبرة أحد غيري، فإذا أنا أسمع التأوه العظيم، والأنين الفظيع بآه آه آه وهكذا بصوت أزعجني، من قبر مبني بالنورة والجص له بياض عظيم، فقطعت القراءة واستمعت، فسمعت صوت ذلك العذاب من داخله، وذلك الرجل المعذب يتأوه تأوهاً عظيماً، بحيث يقلق سماعه القلب ويفزعه، فاستمعت إليه زمناً، فلما وقع الإسفار خفي حسه عني، فمرَّ بي إنسان فقلت: قبر من هذا؟ قال: قبر فلان الرجل أدركته وأنا صغير، وكان على غاية من ملازمة المسجد والصلوات في أوقاتها، والصمت عن الكلام، وهذا كله شاهدته وعرفته منه، فكبر عليّ الأمر جداً؛ لما أعلمه من أحوال الخير