مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الأولى [الحياء في حقه تعالى]

صفحة 2405 - الجزء 4

  من الأمثال عيباً ولا خطأ، بل هو عنده تعالى صواب وحسن؛ وحاصله أنه لا يترك ذلك.

  قال أبو حيان: فيكون من باب تسمية المسبب باسم السبب، يعني أنه سمي ترك الفعل حياءً؛ لأنه مسبب عن الحياء.

  قلت: ويجوز أن يكون من إطلاق الملزوم على اللازم.

  ثانيها: أن المعنى لا يخشى؛ وسميت الخشية حياء؛ لأنها من ثمرته، ورجحه الطبري.

  وثالثها: أن المعنى: لا يمتنع. قال أبو حيان: وهذه الأقوال متقاربة.

  وقال الزمخشري: يجوز أن تقع هذه العبارة في كلام الكفرة، فقالوا: أما يستحي رب محمد أن يضرب مثلاً بالذباب والعنكبوت، فجاءت على سبيل المقابلة، وإطباق الجواب على السؤال، وهو من كلامهم بديع.

تنبيه

  قال القاضي: لا يجوز إطلاق القول بأن الله تعالى لا يستحي⁣(⁣١) وإنما يقال: لا يوصف بذلك؛ لأنه يوهمٍ نفي ما يجوز عليه، قال: وما ذكر الله تعالى من قوله: {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ}⁣[البقرة: ٢٥٥]، {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ٣}⁣[الإخلاص] {وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ}⁣[الأنعام: ١٤] فهو بصورة النفي وليس بنفي على الحقيقة، وليس كلما ورد في القرآن إطلاقه يجوز إطلاقه في المخاطبة إلا مع بيان كونه محالاً.

  قلت: ونظير هذا ما ـمرَّ عن الموفق بالله من أنه لا يجوز إطلاق القول


(١) ومثله لا ينام ولا يولد ونحوها. تمت مؤلف.