المسألة الأولى [الحياء في حقه تعالى]
  من الأمثال عيباً ولا خطأ، بل هو عنده تعالى صواب وحسن؛ وحاصله أنه لا يترك ذلك.
  قال أبو حيان: فيكون من باب تسمية المسبب باسم السبب، يعني أنه سمي ترك الفعل حياءً؛ لأنه مسبب عن الحياء.
  قلت: ويجوز أن يكون من إطلاق الملزوم على اللازم.
  ثانيها: أن المعنى لا يخشى؛ وسميت الخشية حياء؛ لأنها من ثمرته، ورجحه الطبري.
  وثالثها: أن المعنى: لا يمتنع. قال أبو حيان: وهذه الأقوال متقاربة.
  وقال الزمخشري: يجوز أن تقع هذه العبارة في كلام الكفرة، فقالوا: أما يستحي رب محمد أن يضرب مثلاً بالذباب والعنكبوت، فجاءت على سبيل المقابلة، وإطباق الجواب على السؤال، وهو من كلامهم بديع.
تنبيه
  قال القاضي: لا يجوز إطلاق القول بأن الله تعالى لا يستحي(١) وإنما يقال: لا يوصف بذلك؛ لأنه يوهمٍ نفي ما يجوز عليه، قال: وما ذكر الله تعالى من قوله: {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ}[البقرة: ٢٥٥]، {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ٣}[الإخلاص] {وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ}[الأنعام: ١٤] فهو بصورة النفي وليس بنفي على الحقيقة، وليس كلما ورد في القرآن إطلاقه يجوز إطلاقه في المخاطبة إلا مع بيان كونه محالاً.
  قلت: ونظير هذا ما ـمرَّ عن الموفق بالله من أنه لا يجوز إطلاق القول
(١) ومثله لا ينام ولا يولد ونحوها. تمت مؤلف.