المسألة الأولى: [حسن الصبر]
تنبيه: [في أنواع وأحكام الصبر]
  واعلم أن الصبر تدخله الأحكام الخمسة، فيكون واجبًا، ومندوبًا، ومحرمًا، ومكروهًا، ومباحًا.
  فأما الواجب فأنواعه ثلاثة:
  أحدها: الصبر عن المحرمات، وهذا أشد أنواع الصبر؛ لأن المعاصي غالبًا مطابقة لدواعي الهوى. محبوبة عند النفس. كما مرت الإشارة إلى في الحديث النبوي؛ وأشد أنواع الصبر عن المعاصي هو الصبر عن المألوف المعتاد منها؛ لأن العادة طبيعة خامسة، فإذا انضافت إلى الشهوة تظافر جندان من جنود إبليس على جند الله تعالى، فلا يقوى ذلك باعث الدين على قمعها، إلا بمجاهدة قوية، ونية صادقة، ومصابرة دائمة، سيما إذا كانت المعصية مما تيسر فعله، كالغيبة، والنميمة، والكذب، والمراء، والثناء على النفس تصريحًا وتلويحًا، والمزاح المؤذي للغير، وإيراد الكلمات التي يراد بها الازدراء والاستخاف، ونحو ذلك.
  الثاني: الصبر على أداء الوجبات، ولهذا النوع ثلاث حالات:
  الأولى: قبل فعل الواجب، وذلك بالصبر على تصحيح النية والإخلاص؛ إذ لا يقبل عمل إلا بهما.
  الثانية: حالة العمل، فيجب الصبر على استكمال ما يجب من الشرائط والأركان، ومراقبة الملك المنان، فلا يتكاسل ولا يغفل عن ذلك.
  الثالثة: بعد الفراغ منه، فإنه يحتاج إلى الصبر عن إفشائه رياءً