المسألة الخامسة [دلالة الآية على أخذ العوض على الفتيا والقضاء]
  الوجه الخامس: أن يعطيه العوض على الواجب أو المحظور، وعلى أمر آخر مباح، فيحل له قدر أجرة المباح. ذكره المؤيد بالله. وقال أبو علي، وأبو هاشم: لا يحل؛ لعدم تمييز الحسن من القبيح.
  قلنا: بل التمييز حاصل، والظن كاف في تقدير ما يقابل كل منهما، كما في جزاء الصيد ونحوه.
  وفي (الجامع الكافي) ما معناه: أن علياً # قضى فيمن اشترى دن خمر ودن خل أنه يأخذ الخل بحصته من الثمن، ولا فرق بين البيع والإجارة من هذا الوجه.
  الوجه السادس: أن لا تكون الهدية ونحوها مقابلاً للواجب أو المحظور، وإنما المقصود بها التبرك، أو لمحبة المهدى إليه، فهذا لا إشكال في حله، وجواز أخذه؛ وقد تقدم دليله في النوع الثاني، حيث ذكرنا جواز قبول الهدية إذا لم تكن للولاية أو لأجل فعل واجب أو محظور، وذكر في البيان: أن تطيب للبغية ونحوها ما أعطيت، إذا أعطاها أحد المجرد محبته لها، لا المحظور يريده منها. قال: ذكره المؤيد بالله.
النوع الرابع: [أن لا يكون المأخوذ رشوة، أو هدية، أو أجرة]
  أن لا يكون المأخوذ على أحد الأنواع المتقدمة، وذلك قسمان:
  القسم الأول: أن يكون المأخوذ رزقاً مفروضاً من بيت المال، وهذا القسم يجوز أخذه للقاضي، ويحل له، وفي حكمه الإمام وغيره من عماله، وبه قالت العترة وغيرهم.