مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الرابعة [في مسألة الإرادة]

صفحة 2488 - الجزء 4

الشبهة الرابعة عشرة [الإضلال المذكور في القرآن]

  ما اشتمل عليه القرآن من الآيات الظاهرة في إرادته تعالى للقبائح كآيات المشيئة، ونحو ما في الآية التي نحن بصددها من قوله: {يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا}⁣[البقرة: ٢٦] فإنه جواب عن الاستفهام في قوله: {مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا}⁣[البقرة: ٢٦] فكأنه قال: أراد أن يضل به كثيراً.

  والجواب: أما آيات المشيئة فسيأتي الكلام عليها في مواضعها، وأما قوله: {يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا} فسيأتي الكلام عليه في المسألة التي بعد هذه.

الشبهة الخامسة عشرة [الأحاديث]

  قالوا: روي عن النبي ÷: «لو شاء الله أن لا يعصى لما خلق إبليس».

  والجواب: أنا نطالبكم بتصحيح الحديث، ثم إن صح فأحادي، والمسألة قطعية، ثم إن ذلك لا يتم على أصلكم؛ إذ لا تأثير لإبليس عندكم؛ لأن الفعل لله تعالى بزعمكم لحصوله بالقدرة.

  وبعد، فهو معارض بأحاديث كثيرة نحو: «إن الله كره لكم قيل وقال ....» الخبر، وحديث: «إن الله كره لكم العبث في الصلاة» وغير ذلك مما يتواتر معني، وما كرهه الله لا يكون مريدا له؛ علي أن التأويل ممكن، وهو أن الله تعالى لو شاء المنع من المعصية بسلب القدرة عليها والاختيار لما خلق لما خلق إبليس؛ لأنه يعود على غرضه بالنقض، لكنه أراد التمكين من الطاعة والمعصية ليحصل ما أراده من التكليف.