مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة العاشرة [الرد على المشككين في القرآن الكريم]

صفحة 2738 - الجزء 5

المسألة العاشرة [الرد على المشككين في القرآن الكريم]

  تمسك بعض الطاعنين في القرآن من الملحدة ومنهم ابن الراوندي بالآية على إثبات التناقض في القرآن؛ لأنها تدل على أن خلق الأرض قبل السماء، وقد نقضه بقوله تعالى: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا ٣٠}⁣[النازعات] فإنها تدل على العكس، والجواب من وجهين، جملي، وتفصيلي:

  أما الجملي فهو أن التناقض هو اختلاف الجملتين. بحيث إذا صدقت إحداهما كذبت الأخرى، وشرطه أن يتحد المنسوب والمنسوب إليه، ووجه النسبة، والزمان، والمكان، والجزء، والكل، ومتى اختل شيء من هذه الشروط لم يكن الكلام متناقضاً وإن كان ظاهر اللفظ التناقض؛ ولهذا لا يحكم بالتناقض في نحو قولك: زيد في الدار زيد ليس في الدار، إذا أريد بأحد الزيدين زيد بن عمرو وبالآخر ابن بكر، أو أريد بأحد الدارين غير الآخر، أو أثبت كونه فيها في وقت ونفاه في آخر، والمعلوم أن ما في القرآن مما يدعى فيه التناقض لم يحصل فيه حقيقة التناقض ولا شرائطه وأيضاً لو كان فيه تناقض لعرفه العرب، وطعنوا به، فهم كانوا أعرف منكم، وأحرص على الطعن.

  وأما التفصيلي فمن وجوه:

  أحدها: أن المراد بالاستواء تحول أمره إلى السماء، كما مر عن الحسن، والمعنى أن الأوامر والتكاليف ونحوها تنزل من السماء إلى الأرض بعد خلق الأرض وما فيها.