المسألة الخامسة [في شروط ثواب الأعمال]
  ثبوت أحدهما مع ثبوت الآخرة لا لكون أحدهما علة، وإذا بطلته ذه الطريقة بطل ما فرعه عليها من لزوم الدور أو عدمهما ووجودهما في حال؛ ثم إِنا لو سلمنا تضادهما فلا نسلم أن الضد علة في انتفاء ضده؛ إذ لو كان كذلك للزم عود البياض بانتفاء السواد لزوال علته، والمعلوم أنه لا يلزم عوده؛ بل جواز أن يخلف السواد لون آخر غير البياض، وإنما انتفاء الضد لما هو عليه عند طروء ضده.
الشبهة الثانية
  أن المنافاة حاصلة من الجانبين، فليس زوال الباقي لطريان الطارئ أولى من اندفاع الطارئ بقيام الباقي، فإما أن يوجدا معاً وهو محال، أو يتدافعا بطل القول بالمحابطة.
  والجواب: أنا نختار تدافعهما وهو معنى المحابطة؛ وذلك أن وجود الطاعة والمعصية يقتضي أمرين متنافيين، وهما استحقاق الثواب والعقاب، فيتمانعان؛ لما بينهما من التنافي، فلا يوجد أي الاستحقاقين؛ كما لا يوجد أي الحركتين في المتجاذبين لحبل بينهما، ثم مع التمانع يرجع في كيفية التحابط بينهما إما إلى طريقة الموازنة، أو سقوط الأقل بالأكثر، على الخلاف.
  فإن قيل: إنما يصح الرجوع إلى إحدى الطريقين إذا زاد أحد الجانبين، فأما مع تساويهما فلا.
  قيل: سيأتي الجواب عن ذلك قريباً.