مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

الموضع الثاني: فيما يتعلق بجملة البسملة وفيه مسائل

صفحة 477 - الجزء 1

المسألة الثالثة [الاقتداء بالقرآن]

  يؤخذ من افتتاح كتاب الله تعالى بالتسمية أنه ينبغي لكل شارع في عمل من الأعمال من الأكل، والشرب، والطهارة، والذبح، والرسائل، والكتب وغير ذلك مما له شأن يهتم به شرعاً ليس بحرام ولا مكروه، ولم يجعل الشارع له مبدأ غير البسملة أن يفتتح عمله باسمه تعالى؛ إذ لافتتاحه كتابه بها سر وشأن عظيم، ومصلحة علمها الحكيم، وقد ورد الحث على اتباع الكتاب بما يتناول جميع ما يمكن فيه الاقتداء، وللابتداء بها في أعمالنا سر في حصول البركة والمعونة بالاستعانة باسمه تعالى، وقد قدمنا أن الباء فيها إما للمصاحبة المفيدة للتبرك، أو للاستعانة المتضمنة للدلالة على أن الفعل لا يكون معتداً به شرعاً واقعاً على السنة حتى يصدر بذكر اسم الله تعالى.

  وقد ذكر في الكشاف وغيره أن البسملة مقولة على ألسنة العباد هي وما شابهها كقوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ٧٥}⁣[الزمر] وكثير من ألفاظ القرآن المجيد.

  قال (الزمخشري): ومعناه تعليم العباد كيف يتبركون باسمه، وكيف يحمدونه، ويمجدونه، ويعظمونه.

  قال بعض المحققين: وهذا إلى آخر السورة الكريمة مقول على ألسنة العباد تلقيناً لهم وإرشاداً إلى كيفية التبرك باسمه تعالى، وهداية إلى منهاج الحمد وسؤال الفضل، ولذلك سميت السورة الكريمة بما ذكر من تعليم المسألة، يعني أنه قد ذكر أن من أسمائها تعليم المسألة لاشتمالها عليها.