المسألة الحادية عشرة [الحث على الزيادة من الأدلة]
  قال: وحدوث الحركات الفلكية بيَّن لا بد لها من أول، وما كان له أول فله آخر، ومتى استحال قدم الحركات استحال قدم المتحركات؛ لأنه لا جسم إلا متحرك أو ساكن، وحقيقة التحرك هو الانتقال من جهة إلى جهة، وهذا لا يكون إلا متجدداً حادثاً، وحقيقة الساكن لبثه مع جواز انتقاله من موضعه. ذكره في شرح البالغ المدرك، ونحوه ذكر الإمام أحمد بن سليمان #، والجاحظ، وقد تضمن دليل حدوث العالم واستحالة القدم عليه، ونحن قد بسطنا القول في ذلك في الفاتحة، وأبطلنا شبه المخالفين بما فيه مقنع؛ ولهذا اختصرنا الكلام في قومه هذا الموضع، واقتصرنا على بيان وجه دلالة الأدلة المذكورة. ـوالله الموفق.
المسألة الحادية عشرة [الحث على الزيادة من الأدلة]
  اعلم، أن الله تعالى كرر الأدلة في كتابه على إثبات ذاته ø وصفاته، وما يوجب له الاختصاص بالطاعة من عباده، فذكر في هذا الموضع خمسة أدلة، وفي غيره ما يقرب منها أو يزيد عليها، وفي ذلك دليل على أنه ينبغي لمن أراد تحرير المسائل على وجه يحصل به اليقين، وتنشرح به الصدور أن يأتي عليه بما أمكنه من الأدلة، ولا يقتصر على دليل ولا دليلين مع إمكان الزيادة؛ إذ لو لم يكن لزيادة الأدلة فائدة في طمأنينة القلب ورسوخ الإعتقاد - لكان تعداد الأدلة في كتاب الله تعالى حشواً خالياً من الفائدة، والمعلوم أن كتاب الله منزه عن ذلك، وأَن كل لفظة منه وحرف واقع موقعه في الإفادة والإرشاد؛