الموضع الثالث: في ذكر شبه المخالفين والرد عليها
  ولا محيص لهم عن هذا، وحينئذٍ تكون هذه الشبهة مقتضية لنفي الفعل بالكلية، وفي تصحيحها إثبات مذهب جهم الذي أجمعنا على بطلانه، وأنه مخالف للضرورة، لكنه لما لم يكن لهم همة إلا رد مذهب خصومهم تعلقوا بكل ما وجدوا وإن علموا أنه لا يفيدهم.
  ولنقتصر على هذا القدر من شبههم العقلية؛ إذ ليس لهم إلا ما هو أضعف منها وأوضح بطلاناً، ولعله يمر بك شيء منها في أثناء المسائل الآتية في كتابنا هذا إن شاء الله تعالى.
  وأما الشبه السمعية فسيأتي الكلام عليها في مواضعها إن شاء الله تعالى.
  واعلم أن معظم اشتغالنا برد الشبه التي تمسك بها القائلون بالكسب، ولم نشتغل كثيراً بالكلام مع الجهمية لظهور مخالفة مذهبهم للضرورة، مع أن ما أوردناه وما أورده الأشاعرة متضمن لإبطال مذهبهم. والله الموفق.
[اللوازم الباطلة المترتبة على مذهب المخالفين]
  الموضع الرابع: فيما يلزم على مذهب المخالفين من اللوازم الباطلة، وغير ذلك من الحكايات والمناظرات التي يؤيد بها مذهب العدل، ويبطل بها مذهب الجبر.
  أما اللوازم فهي كثيرة، ولنورد منها هنا ما سنح فنقول:
  أحدها: أنه يلزمهم أن يكون الظلم والكذب والعبث كطول القامة