المسألة الخامسة [دلالة الآية على أخذ العوض على الفتيا والقضاء]
  على العمل بها، والمعلوم أنه لا يحصل ذلك في الأغلب إلا بالكتابة ونحوها، والأحكام مبنية على الغالب، والصور النادرة لاحقة بالأعم الأغلب؛ فلا يقال: فيلزم جواز أخذ الأجرة على الكتابة إذا كان التبليغ والاستمرار يحصلان من دونها. والله الموفق.
تذييل [في ذكر ما يأخذه بعض الفقهاء من الأموال لنقض الأحكام]
  لهذه الأنواع المتقدمة في ذكر حكم ما يأخذه بعض فقهاء الزمان، وغيرهم من أهل الكياسة وجودة الأذهان، على تعليمهم أحد الخصمين حجته، وما يثبت دعواه، ويدفع حجة خصمه، أو نقض حكم حاكم، أو تقويتهه والذي تقضي به الأدلة السابقة المفيدة لتحريم أخذ العوض على تعليم العلم والفتوى وما جاء من تحريم أكل أموال الناس بالباطل أن المأخوذ على هذا الوجه محرم؛ لأن ذلك إما تعليم. أو فتوى أو مظاهرة على باطل، وكل ذلك يحرم أخذ العوض عليه؛ وتوضيح ذلك: أن هذا الخصم لا يخلو من أن يعلم كونه محقا، أو مبطلاً أو ملتبس الحال، فإذا كان محقا فنصرته واجبة؛ لقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ}[المائدة: ٢] ويجب نصره ولو بالقتال، كما قال تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} إلى قوله: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي ...}[الحجرات: ٩] الآية، ومعاونته فيما ذكرنا من النصر الواجب، والحق اللازب، ودليل السنة وجوب إعانته ودفع الظلم ثابت مشهور، رواه أئمتنا وغيرهم.
  قال الموفق بالله # في (سلوة العارفين): أخبرني أبو الحسين الحسن بن محمد بن جعفر الوبري، أخبرنا أبو بكر الجعاني،