المسألة الخامسة [مقام العبادة]
  قلت: إن كان طلب الحظ من غير الله تعالى فلا شك في عدم الإجزاء وقد مر الكلام عليه، وإن كان طلب الحظ من الله تعالى فذلك لا ينافي الإخلاص والاختصاص، إذ التوسل إليه بعبادته عبادة كالتوسل إليه بالدعاء والشكر، بل قد حث أمير المؤمنين # على التوسل إلى الله تعالى بأنواع الطاعات والعبادات في قوله: (إن أفضل ما توسل به المتوسلون إلى الله الإيمان بالله وبرسوله ...) إلخ وذكر فيه الجهاد والصلاة وغيرهما ... وورد الأمر بالتوجه إلى الله بحب القرآن وسؤاله به، والأدلة على أن التوسل إلى الله بالعبادة لا ينافي الإخلاص والاختصاص كثيرة مشهورة، وهذا كله مع قصد امتثال أمر المالك المنعم؛ إذ لا يتصور كونها عبادة مع عدمه.
المسألة الخامسة [مقام العبادة]
  اعلم أن مقام العبادة شريف، وقد جاء الأمر به في مواضع والكناية به عن خاتم النبئين محمد ÷ في موضع يقتضي تشريفه والرفع من شأنه، قال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا ...}[الإسراء: ١] الآية {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا}[الأنفال: ٤١].
  وقال عيسى # في مقام الافتخار: {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ}[مريم: ٣٠].
  ومن كلام علي #: (اللهم كفاني عزاً أن تكون لي رباً، وكفاني فخرا أن أكون لك عبداً، أنت كما أحب فاجعلني كما تحب). رواه في سلوة العارفين، وقرن الله تعالى العبادة بالتوحيد فقال: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي}[طه: ١٤] ومن كلام بعض الصالحين: العبادة ثمرة العلم،