مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثانية في التوبة

صفحة 3114 - الجزء 5

  فرع: قالت البصرية: وتقبل توبة من علم الله أنه سيعود إلى المعصية خلافاً لبشر بن المعتمر، لنا أن التائب قد استكمل شرائط التوبة، فوجب قبولها، ولا يؤاخذ بما سيكون ما لم يعزم عليه، ولا حجة له الا ما مر من أنه موعود بالجنة إلى آخره، وجوابه ما مر.

  قلت: وقد جاء في السنة ما يدل على قبول التوبة وإن تكررت معاودة الذنب، وسيأتي ذلك في موضع غير هذا إن شاء الله.

الموضع التاسع: في التوبة من المتولد⁣(⁣١) قبل وقوعه

  حكى الإمام المهدي عن أصحابنا أن التوبة تجب منه قبل وقوعه. عند حدوث سببه، فتمنع العقاب عليه ولو حدث من بعد.

  وقال أبو القاسم: لا يصح إلا بعد وقوعه؛ إذ لا يستحق العقاب على الفعل حتى يقع.

  وأجيب بأن التوبة تحرز عن الضرر، فتجب المبادرة إليها، والمتولد بعد وقوع سببه في حكم الواقع؛ لأنه لا يملك رده، هكذا قرر الإمام المهدي الخلاف والاستدلال.

  وظاهر كلام الموفق بالله في (الإحاطة) كقول أبي القاسم، وتلخيص كلامه أن من فعل سبباً المعلوم من حاله أنه يولد قبيحاً فإنه لا يستحق العقاب على المسبب إلا بعد وجوده، ونسب الخلاف في ذلك إلى

  أبي هاشم فقال: إنه حكي عنه أنه إذا علم من حاله أنه يقع


(١) وذلك نحو أن يرمي شخصاً بحجر، فشجه، لكنه تاب قبل وقوع الحجر في الشخص. تمت مؤلف.