المسألة الخامسة [في الإضلال]
  باستحقاق العقاب قبل وقته، وإيصاله في وقته في الدار الآخرة، والسخط بمعناها؛ والوجه في ذلك أن حملها على المعنى الحقيقي لا يجوز في حقه سبحانه وتعالى؛ لأنها أعراض وهو ø ليس بمحل للعرض. وإلى هنا انتهى الكلام على مسألة الإرادة، والحمد لله على هدايته وإرشاده.
  وبقيت أبحاث تتعلق بالمسألة كبيان أحكام الإرادة، وما يجري على الله من الأسماء باعتبار كونه مريدًا، ونحو ذلك، وسنذكرها في غير هذا الموضع إن شاء الله تعالى.
المسألة الخامسة [في الإضلال]
  قالت المجبرة: قوله تعالى: {يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا}[البقرة: ٢٦] يدلُّ على أن الله تعالى يضل بعض خلقه عن الدين، أي يخلق فيهم الضلال، وذلك أن المعنى الأصلي في الإضلال عن الدين عندهم إنما يكون بالدعاء إلى تركه وتقبيحه في أعينهم، وهذا هو الإضلال المنسوب إلى الشيطان وفرعون ونحوهما، وهذا لا يجوز نسبته إلى الله إجماعاً.
  قال الرازي: الأمة مجمعة على أن الإضلال بهذا المعنى لا يجوز على الله تعالى؛ لأنه ما دعا إلى الكفر ولا رغب فيه، بل نهى عنه وزجر، وتوعد بالعقاب عليه، وإذا انتفى هذا المعنى الحقيقي ثبت بالإجماع أن الآية ليست على ظاهرها، فحينئذٍ لا بد من التأويل، فأهل الجبر حملوها على أن المراد بذلك خلق الضلال فيهم وصدهم عن الإيمان،