المسألة الأولى [عصمة الأنبياء]
  الأنبياء لأنفسهم، فاختلفوا في كيفية ثبوتها، فمنهم من قال: تثبت له العصمة باختيار نفسه بأن يمتنع من فعل القبيح من جهة نفسه.
  قيل: وحيث يقال باختيار نفسه فاللطف الواجب لا بد منه(١)، وإن لم يذكره لأنه معلوم.
  قلت: هو خارج عما نحن فيه لشموله للأنبياء وغيرهم، والكلام في اللطف المخصوص.
  ومنهم من قال: بل تثبت له باختيار نفسه، لكنه غير مستغن عن معونة الله تعالى، فلا بد وأن يكون اختياره مع اللطف من الله تعالى.
  قيل: ثبوتها من الله والنبي، وكيفيته بخلق الداعي إلى فعل الطاعة واللطف الذي لأجله تترك المعصية من الله تعالى، وبفعل الواجبات واجتناب المقبحات من النبي، قال في (الفصول): ومعناه معنى ما قبله، وليس بمستقل في الأظهر؛ لأن كيفية الثبوت إذا كانت للنبي باختياره ومن الله باللطف فهو عين ما تقدم في القول الثاني.
الفصل الثالث: في الخلاف في عصمتهم قبل النبوة
  اعلم أنه لا يجوز من الله تعالى أن يبعث نبياً إلا معصوماً من المنفرات، فإذا لم يكن معصوماً من ذلك لم يجز بعثه، وهذا قول المعتزلة وغيرهم من أصحابنا، وممن نص عليه السيد مانكديم والقرشي، والمنفرات أنواع:
(١) يعني اللطف الذي لا بد من وقوعه، وكل على أصله فيه، أعني من كونه اللطف المطلق أو غيره، على ما مر في الفاتحة وهذا بناء على وجوب اللطف. تمت مؤلف.