مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثانية: [تحقيق معنى القتل المذكور في الآية]

صفحة 3712 - الجزء 6

المسألة الأولى: [الفرق بين الموت والقتل]

  قال القاضي عبد الجبار: القتل: هو نقض البنية التي عندها يجب أن يخرج من أن يكون حيًا. وحاصله أنه الفعل المزهق للروح في الحال وما عدا ذلك فمما يؤدي إلى أن يموت قريبًا أو بعيدًا، إنما سمي قتلًا على سبيل المجاز.

  قال الرازي: بل هو الفعل المؤدي إلى زهوق الروح في الحال أو بعده؛ بدليل أنه لو حلف أن لا يقتل زيدًا، فجرحه جراحة عظيمة، وبقي بعدها حيا لحظة واحدة، ثم مات فإنه يحنث في يمينه، ويسميه أهل اللغة قاتلًا، والأصل في الاستعمال حقيقة.

المسألة الثانية: [تحقيق معنى القتل المذكور في الآية]

  ظاهر الآية أنهم أمروا بالقتل المعروف، وبمباشرتهم قتل أنفسهم بأن يقتل كل واحد منهم نفسه. وقيل: أمر من لم يعبد العجل بقتل من عَبَدَهَ، والمعنى: ليقتل بعضكم بعضًا، كما قيل في قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}⁣[النساء: ٢٩] وقوله: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا}⁣[النور: ١٢]، وتحقيقه أن المؤمنين كالنفس الواحدة. وقيل: معنى القتل هنا التذلل، أي ذللوا أنفسكم بالطاعات والكف عن الشهوات. وقد روي إجماع المفسرين على أنهم ما قتلوا أنفسهم بأيديهم.

  قيل: ولا يلتفت إليه؛ لأنه قد نقل القول بذلك ودفعه قاضي القضاة