المسألة الرابعة [في مسألة الإرادة]
  قلت: وأما ما ذهب إليه أكثر المعتزلة فالملجئ إلى القول به ما مرَّ عنهم من أن إرادته تعالى معنى محدث، وقد مرَّ ما فيه.
  وأما ما احتجوا به هنا من أن حلولها لا في محل لا يلزم منه انقلابها في ذاتها ولا انقلاب غيرها - فدعوى مجردة مخالفة للمعقول من معنى الإرادة، فإن المعقول من معناها أنها النية والضمير، وهما لا يعقلان في غير القلب أو ما هو على بنيته.
  وقولهم: إن الذي تقتضيه ما هي عليه في ذاته ... إلخ لا يوجب لها المحل - ممنوع، فإن المعقول من المعاني أنها لا توجب إلا لمن قامت به، والمتقرر في عقل كل عاقل أنه يجب إلحاق الفرد المخصوص بالأعم الغالب المعلوم، ما لم يخصص ذلك الفرد دليل صحيح يوصل إلى المطلوب، والدليل الذي ذكروه غير موصل إلى ذلك كما عرفناك. هذا مع ما يلزم على هذا القول من اللوازم الباطلة كما مرَّ.
الموضع الخامس فيما يريده الله تعالى من الكائنات وما لا يريده
  ويدخل في هذا الموضوع الخلاف في إرادته تعالى لأكل أهل الجنة وشربهم، والكلام في هذا الموضع يكون في فصلين:
  الأول: فيما يريده تعالى، وما لا يريده.
  الثاني: في الخلاف في إرادته تعالى لأكل أهل الجنة وشربهم.