الموضع الثاني: في ذكر حجج أهل العدل
  وجوداً وعدماً على الداعي يوجد بوجوده، وينتفي بانتفائه، فيجب أن يكون هو المؤثر دون قدرة العبد، وقد يكون الداعي ضرورياً من الله تعالى، فيجب أن يكون الفعل من الله تعالى؛ لأن فاعل السبب فاعل المسبب.
  وأجاب بأنا لا نسلم أنه دار على الداعي كما ذكرتم، فإن الداعي لو حصل في العاجز لم يوجد بوجوده شيء، فيجب أن يكون التأثير لقدرة العبد، وقد يوجد الداعي كما في العالم، وقد لا يوجد كما الساهي والنائم، وقدرة العبد غير موجبة لمقدورها.
تنبيه [في التعليق على كلام الرازي]
  قد تقدم في عبارات أصحابنا أنه يجب وجود الفعل عند توفر الداعي وانتفاؤه عند الكراهة والصوارف، ولا يريدون بذلك الوجوب الذي يستحيل تخلفه، وإنما أرادوا وجوب استمرار، ولما سمع (الرازي) هذا الوجوب من كلام (أبي الحسين) تعجب من قوله به مع قوله بنفي الجبر، بل قال: إن قوله بهذا الوجوب غلو منه في الجبر ومبالغة فيه، وكأنه لم يعلم أن المراد بهذا الوجوب هو الاستمرار على طريقة واحدة كما تقدم. ولنقتصر على هذه الحجج الثلاث العقلية، ففيها كفاية لمن أنصف وترك المكابرة، والأشاعرة لا ينكرونها، ولذا لاذوا بالكسب.
  وأما الحجج السمعية فهي كثيرة، ولا تكاد تجد آية ولا خبراً