المسألة الثانية [في التكليف]
الشبهة الأولى
  أحدها: أن الإنسان يعلم الأشياء التي يستحيل انقسامها ضرورة، والعلم بما يستحيل انقسامه يستحيل أن يكون(١) منقسماً؛ إذ لو جاز انقسامه لم يخل إما أن يصح تعلق كل جزء منه بذلك المعلوم أو لا، الأول باطل؛ لاستلزامه أن يكون بعضه مثلاً لكله مغنياً عنه، وذلك محال، فإن جزء الشيء لا يغني عن كله ضرورة، وأيضاً لو أغنى عنه لكانت سائر الأجزاء فضلة مستغنى عنها، فيكون وجودها عبثاً؛ لأن وجودها حينئذ في حكم العدم.
  والثاني لا يخلو إما أن تتعلق جملتها بذلك المعلوم أو لا، الأول يستلزم أن العلم اجتماع الأجزاء واجتماعها لا ينقسم، والثاني يلزم منه أن لا يكون ثَمَّ علم أصلاً، والمعلوم خلافه؛ فثبت أن العلم بغير المنقسم يستحيل انقسامه(٢)، وإذا استحال انقسامه استحال أن يحل في منقسم؛ لأن حلوله فيه يوجب أن يكون منقسماً، وإلا استحال حلوله في ذلك المنقسم لتأديته إلى حلول الواحد في جزئين، وذلك محال ضرورة. وإذا تقرر هذا فنقول: قد ثبت أن العلم حال في الإنسان فيجب أن يكون الإنسان مما يستحيل انقسامه، فلا يكون جسماً ولا جسمانياً، والجسماني هو الحال في المنقسم عندهم.
(١) أي العلم. تمت مؤلف.
(٢) أي انقسام العلم. تمت مؤلف.