المسألة السادسة عشرة [في الإيمان بالآخرة]
  قال الرازي: وهذا الإيمان واجب؛ لأنه قال في آخره: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ٥}[البقرة] فثبت أن من لم يكن له هذا الإيمان وجب أن لا يكون. مفلحاً، وإذا ثبت أنه واجب وجب تحصيل العلم بما نزل على محمد ÷ على سبيل التفصيل؛ لأن المرء لا يمكنه أن يقوم بما أوجبه الله عليه علماً وعملاً، إلا إذا علمه على سبيل التفصيل؛ لأنه إن لم يعلمه كذلك امتنع عليه القيام به، إلا أن تحصيل هذا العلم واجب على سبيل الكفاية(١).
  قلت: لأن في وجوبه على الكل عيناً حرجاً بيناً، وإخلالاً بأمر المعاش. وأما ما قبل القرآن من كتب الأنبياء $ فيجب على الجملة التصديق بكونها قول الله صدقاً، وديناً حقاً، وإن كانت لا يجب التعلم فيها، ولا معرفة تفاصيلها؛ لأن الله تعالى ما تعبدنا الآن بها حتى يلزمنا معرفتها على التفصيل، بل إن عرفنا شيئاً من تفاصيلها، فحينئذٍ يجب علينا الإيمان بتلك التفاصيل.
المسألة السادسة عشرة [في الإيمان بالآخرة]
  في الإيمان بالآخرة، والمراد الدار الآخرة؛ لتصريحه بذلك في غير هذا الموضع.
  واعلم أن الله تعالى مدحهم على إيقانهم بالآخرة، ولا يكون موقناً بها إلا من عرفها بالدليل، وقد نبه الله على ذلك؛ والحاصل أن الطرق الموصلة إلى اليقين بالآخرة أربع، وكلها تدل على البعث،
(١) انظر تفسير الرازي ج / ١ ص / ٢٥٥ الطبعة الأولى.