المسألة الثالثة [في سر وصفهم بالصم والبكم والعمي]
  وهذا الوجه مبني على أن جواب لما محذوف، ويكون قوله: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ}[البقرة: ١٧] مستأنف. والله أعلم.
  واعلم أن ما ذهب إليه هذا الذاهب من الاستدلال بها على أن الله يغوي العباد ويضلهم، لا يمكن حمل الآية عليه بوجه؛ لما ذكرنا، ولأنها واردة في ذمهم على عدم الإيمان، وتشنيع أقوالهم، والحكم بسماجة حالهم، فكيف يذهب ذاهب إلى أن الله تعالى يسلبهم النور والقدرة عليه، ثم يذمهم، ويتوعدهم، ويشبههم بالصم البكم، ويتوعدهم بالدرك الأسفل من النار.
فائدة
  قوله: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ}[البقرة: ١٧] معناه: أذهب الله نورهم؛ إذ لا يجوز أن يوصف الله بالذهاب مع النور.
المسألة الثالثة [في سر وصفهم بالصم والبكم والعمي]
  وصف الله لهؤلاء القوم بأنهم صم بكم عميٌ، وإيراده على جهة المبالغة في التشبيه، دليل على أن من كانت فيه هذه الأوصاف على جهة الحقيقة، لا يعرف الحق على وجهه، فيستنبط من ذلك أحكام قد من ذكرناها في قوله تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ...} الآية [البقرة: ٧]، وهذا التشبيه يؤكد ما هنالك. وفي إسناد عدم الرجوع إليهم دليل على أنهم المختارون له؛ إذ الأصل في الإسناد الحقيقة.