المسألة الثانية [في الكفر]
الفصل الأول: في حقيقة الكفر
  الكفر في اللغة: مشتق من التغطية يقال: كفر الرجل إذا لبس فوق درعه ثوباً، ويوصف عنده بأنه كافر، وكذلك الزارع يوصف به لأنه يستر البذر تحت الأرض، وهو في عرفها الإخلال بالشكر، قال الشاعر:
  نبئت عمراً غير شاكر نعمتي ... والكفر مخبثة لنفس المنعم
  وأما في الشرع فاعلم أنه صَعُب على المتكلمين ذكر حد الكفر على وجه يسلم من المطاعن، ونحن نأتي من حدودهم بما عثرنا عليه.
  قال الناصر الحسن بن علي #: هو الجحد لنعم الله تعالى، والستر لها التي غمرت جميع خلقه، واستدل على صحة هذا الحد بآيات من كتاب الله تعالى، وأحاديث عن رسول الله ÷، وأشعار العرب، ذكرها في البساط.
  قلت: وهو مبني على ما ذهب إليه جماعة من الأئمة $ من أن الفاسق يسمى كافر نعمة.
  وقال الإمام (يحيى بن حمزة) #: هو تكذيب الرسول ÷ في شيء مما جاء به مما يعلم ضرورة من دينه، وما يكون فيه دلالةٌ على تكذيبه. قال الإمام عز الدين #: قوله تكذيب الرسول يعني به نفس التكذيب فإنه كفر لا محالة، وقوله: مما يعلم ضرورة من دينه يحترز به عن إنكار ما ليس من ضرورة الدين، كجحود من يجحد أنه