المسألة الثانية في التوبة
  نعم قد ذكر النجري صورة يتجدد فيها استحقاق العقاب في المستقبل. وهي ما إذا فعل معصية ثم طاعة(١) تكفر عقاب تلك المعصية، ثم ندم على تلك الطاعة ندماً يوجب سقوطها فإنه يتجدد له استحقاق العقاب على تلك المعصية في المستقبل على قول ابن الملاحمي والإمام المهدي؛ لأن سقوطها إنما كان بموازنة ثواب الطاعة، فلم تصر بذلك كالمعدومة، وقد بطلت الطاعة، فيعود استحقاق العقاب، ويصير كأنه فعلها وقت الندم على الطاعة.
  فإن قيل: فما تقولون فيما إذا تاب بعد الندم المذكور، هل يعود شيء من ثواب طاعته الماضية؟
  أجاب النجري بأنه لا يعود شيء على قول الإمام المهدي وغيره؛ لأنها بالندم عليها صارت كالمعدومة فبطلت في الحال والمآل.
الموضع الخامس [في تذكر العاصي للذنب بعد التوبة]
  اختلف العلماء في العاصي إذا تاب توبة صحيحة ثم تذكر الذنب هل يجب عليه تجديد التوبة أو لا يجب؟
  للمسألة صورتان:
  الصورة الأولى: إذا تاب عنه ثم ذكره، فقال أبو علي ونسبه الآمدي إلى بعض العلماء: يجب عليه تجديد التوبة، وقال أبو هاشم: لا.
  ونص عليه الآمدي.
(١) غير التوبة؛ إذ لو كانت الطاعة هي التوبة لم يجز تجدد الاستحقاق لأنها تَجُبُ المعصية جبّا. تمت مؤلف.