مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثانية [اختصاص الرحمانية بالله تعالى وحده]

صفحة 392 - الجزء 1

  الشارع اسمين له تعالى كما في مؤمن وكافر⁣(⁣١) إذ لو كانا مجازين لافتقرا إلى القرينة عند إطلاقهما عليه تعالى، والمعلوم أنهما لا يفتقران، فلما لم يفتقرا ثبت كونهما حقيقة فيه تعالى إما لغوية أو دينية، واللغوية ممنوعة لاستلزامها التشبيه فتعين كونهما حقيقة دينية، وأجيب بأن القرينة الصارفة عن المعنى الحقيقي حاصلة وهي العقل والسمع، أما العقل فلقيام الدليل على أنه تعالى لا تحله الأعراض والرقة عرض، وأما السمع فقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}⁣[الشورى: ١١].

المسألة الثانية [اختصاص الرحمانية بالله تعالى وحده]

  قال العلماء: الرحمن مختص بالله تعالى لا يجوز أن يسمى به غيره، ولا أطلق في لغة العرب على غيره، والدليل على اختصاصه تعالى به قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ}⁣[الإسراء: ١١٠] فعادل الاسم الذي لا يشاركه فيه غيره، فأما قولهم في مسيلمة رحمن اليمامة فباب من تعنتهم في الكفر، مع أنهم لم يضعوه له إلا بعد أن قد تسمى به الباري تعالى، وهم معترفون بذلك فيمكن أنهم لم يسموه بذلك إلا على ضرب من المجاز، وهو أنهم لما اعتقدوا أنه رسول الرحمن سموه باسم مرسله.

  قلت: في كلام بعضهم أنه الذي تسمى بذلك فألزمه الله تعالى نعت الكذاب حتى صار علماً يعرف به، وهذا يدفع حمله على المجاز ويصحح أنه من باب التعنت، وما قلناه من اختصاص الباري تعالى به


(١) كما وضع مؤمناً لمن أتى بالواجب واجتنب القبيح وكافراً لمن ارتكب ما يخرج عن الملة. تمت مؤلف.