المسألة الثالثة [فضل العلم]
  الثامن والعشرون: الفراسة. هي لغة التثبت والنظر، واصطلاحاً قال الرازي: هي الاستدلال بالخلق الظاهر على الخلق الباطن، وقد نبه اللّه على صدقها بقوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ٧٥}[الحجر] ونحوها، وفي الحديث: «اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور اللّه ø». أخرجه البخاري.
  وفي التاريخ عن أبي سعيد، والحكيم الترمذي، وسمويه في فوائده، والطبراني في الكبير، وابن عدي في الكامل كلهم عن أبي أمامة، وابن جرير عن ابن عمر قيل: وهو حديث حسن وهي ضربان: ضرب يحصل في الخاطر بلا سبب. وهذا ضرب من الإلهام، وضرب يكون بصناعة متعلمة، وهي الاستدلال بالأشكال الظاهرة على الأخلاق الباطنة.
  فهذه ثماني وعشرون كلمة تكلمنا عليها في هذا الموضع، وقد نبهنا على بعض ما هو نوع مخصوص من العلم وما ليس كذلك، وسكتنا عن بعضها لوضوحه. واللّه الموفق.
المسألة الثالثة [فضل العلم]
  هذه الآية دالة على فضل العلم والأدلة على فضيلته كثيرة عقلاً ونقلاً، أما العقل فمن وجوه:
  أحدها: أن العلم صفة كمال وشرف، والجهل صفة نقص، وهذا معلوم ضرورة، ولذلك لو قيل للعالم: يا جاهل، فإنه يأنف ويتأذى، مع علمه بكذب القائل، ولو قيل للجاهل: إنه عالم لفرح بذلك،