مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الرابعة [في مسألة تكليف ما لا يطاق]

صفحة 1537 - الجزء 3

تنبيه: [في مناقشة المجبرة لمسألة القضاء والقدر]

  قد تقدم للمجبرة أنه لو صح إيمان من علم الله أنه لا يؤمن لا نقلب علمه جهلاً، وتقدم الجواب عليهم، ولكنه يورد على أصحابنا سؤالاً وهو أنا لو قدرنا وقوع ما علم الله أنه لا يقع، هل كان يكشف عن الجهل ويدل عليه؟ واختلفوا في جوابه، فقالت البهشمية وحكاه الرازي عن أبي علي، والقاضي عبد الجبار، وقواه الإمام المهدي #: إذا سئل عن هذا السؤال وجب الإمساك عن جوابه، فلا يجاب بلا ولا بنعم؛ إذ بأيهما أجيب نقض⁣(⁣١) أصل قد تقرر؛ لأنا إن قلنا: يكشف نقض ما قد تقرر من أنه عالم لذاته لا يجوز عليه الجهل، وإن قلنا: لا يكشف نقض ما قد تقرر من أن وقوع خلاف المعلوم يكشف عن الجهل؛ وإذا كان الجواب بنعم أو لا يستلزم المحال لم يجب بأيهما، بل بإحالة السؤال، فيقال: هذا السؤال لا يقدر لما فيه من نقض الأصول المقررة بالبراهين القطعية.

  قال النجري: وهذا الجواب هو الذي أجاب به الشيخان، قال أبو علي: ومثاله أن يقال: لو كذب النبي أكان يدل على أنه ليس بنبي أم لا؟ فكما أنا نقول: هذا محال كذلك ما نحن فيه، فإن قيل: هذا الجواب ليس مطابقاً، قيل: بل مطابق؛ لأن السائل فرض فرضاً لا يستحق عليه جواباً، فلم يكن الجواب على خلاف ما فرض؛ ولأنه غاية ما يمكن أن يقال في جواب مثل هذا السؤال.


(١) لعله مبني للمجهول.