مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة التاسعة [المعنى الوضعي لكلمة لعل]

صفحة 2153 - الجزء 4

المسألة التاسعة [المعنى الوضعي لكلمة لعل]

  المعنى الوضعي لكلمة لعل هو إنشاء توقع أمر متردد بين الوقوع وعدمه، مع رجحان الأول، إما محبوب فيسمى ترجياً، أو مكروه فيسمى إشفاقاً، والتوقع إنما يكون مع الجهل بالعاقبة، وهو محال في حق الله تعالى، فلا بد من التأويل، وفيه وجوه:

  أحدها: أن لعلَّ على بابها من الترجي والأطماع، ولكن بالنسبة إلى المخاطبين فكأنه قال: افعلوا ذلك على الرجاء منكم والطمع أن تتقوا. وهذا قول سيبويه، ورؤساء اللسان، واختاره أبو المعالي.

  الثاني: أن من عادة الملوك والعظماء أن يقتصروا في مواعيدهم التي يوطنون أنفسهم على الوفاء بها على أن يقولوا لعل وعسى، ونحوهما من الكلمات، أو يظفر منهم بالرمزة والنظرة الحلوة، وحينئذٍ لا يبقى لطالب ما عندهم شك في النجاح والفوز بالمطلوب، وعلى مثله ورد كلام ملك الملوك جل وعلا، وهذا هو معنى قول بعضهم: إِن لَعَلَّ في كلام الله للتحقيق⁣(⁣١).

  الثالث: ذكره الزمخشري وهو أنها في الآية واقعة موقع المجاز؛ لأنه تعالى فعل بالمكلفين ما لو فعله غيره لاقتضى رجاء حصول المقصود؛ لأنه تعالى لما أعطاهم القدرة على الخير والشر، وخلق لهم العقول الهادية، وأزاح أعذارهم، ووضع في أيديهم زمام الاختيار،


(١) أي تحقيق وقوع مضمون جملتها، وهو هنا حصول الوقاية من العقاب، والمراد بالتحقيق الجزم والإخبار بحصول الوقاية. تمت مؤلف.