المسألة الثانية [في التكليف]
المسألة الثانية [في التكليف]
  الناس: جمع إنسان على غير لفظه، وقد اختلف الناس في الإنسان المكلف الذي يتوجه إليه الخطاب، ويستحق المدح والذم، وإليه تنسب الأفعال، وصاروا في المسألة فريقين:
  الفريق الأول: زعموا أنه منفصل عن هذا الشخص ليس بجسم ولا حال في الجسم، ولا مجموعهما، وهذا قول الفلاسفة، ووافقهم من علماء الإسلام أبو سهل البيختي، وأبو الحسن الحليمي، وأبو القاسم الراغب، والغزالي.
  الفريق الثاني: زعموا أنه غير خارج عن الجسم، ثم افترقوا على أقوال، فالذي عليه الجمهور من الزيدية، والمعتزلة، وغيرهم من الفرق الإسلامية والكفرية، أنه هذه الجملة المشاهدة المبنية بنية مخصوصة المشار إليه بقولنا: أنت فعلت. وقال أبو الهذيل: بل هو الجسد الظاهر كما مر، وحياته غيره، وروحه غيره.
  قال الإمام المهدي: ولعله يعني أن الحياة معنى تحله هو غيره، والروح هو النفس الجاري، ولا كلام أنهما غيره فهو كالقول الأول. وقال أبو هاشم بمثل مقالة أبي الهذيل، إلا أنه زاد فيه بيان الروح، فقال: هو النفس الجاري الذي بانقطاعه يموت الإنسان، ولعل أبا الهذيل لا يخالفه في ذلك؛ لأنه أجمله، لكنه جعله غير الحياة، ولا يحتمل سوى النفس، فيكونان موافقين للجمهور، ويؤيده أن القرشي وغيره لم يحكوا عنهما خلافاً.