المسألة الخامسة [عدم الاغترار بالمظاهر]
  وعمر، وعلي، وزيد بن ثابت، وبحثوا عن صحيح الروايات وسقيمها، وهذا كله يدفع صحة الإجماع الذي ادعاه ابن الصلاح؛ إذ لا تجمع الأمة على خلاف ما عليه أكابر الصحابة؛ بل قال السيد صلاح بن أحمد: إنه لم يظهر من أحد من الصحابة إنكار على الرادين، وذلك يقتضي حصول الإجماع، يعني إجماع الصحابة على رد المتهم.
[رواية المجهول]
  قلت: وإذا ثبت أن فيهم من لا تقبل روايته كان الواجب عدم قبول المجهول منهم؛ إذ لا يؤمن أن يكون من أولئك المجروحين.
  وأما حكاية صاحب الفصول قبول مجهولهم عن أئمتنا، ففيها نظر، فإن إمامهم علي بن أبي طالب، وكلامه في الرواة يقتضي المنع من قبول من لا تعر ف عدالته كما مر، ومن تأمل كلام أولاده في الصحابة علم عدم صحة إطلاق هذه الرواية عنهم.
  احتج المنصور بالله بقوله ÷: «خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يفشو الكذب» فأخذ منه أن في هذه الثلاثة القرون لم يفش الكذب، فلا يجب البحث عن عدالتهم؛ لأن الصدق غالب أمرهم.
  وأجيب بأن الحديث مطعون فيه؛ لأن المعلوم أن معظم الكذب على رسول الله ÷ لم يفش إلا في زمن التابعين، بل وقع في زمانهم من هتك حرمات الله مالم يقع في غيره من رمي الكعبة بالمنجنيق،