مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثالثة [النعم على الآباء نعمة على الأبناء]

صفحة 3163 - الجزء 5

تنبيه: [في إيضاح الإشكال في قوله: «واشترطي لهم الولاء»]

  استشكل العلماء قوله في حديث هشام بن عروة: (واشترطي لهم الولاء) لأن ذلك يجري مجرى التغرير والخداع للقوم، والنبي ÷ منزه عن ذلك، فلأجل ذلك أنكر بعض العلماء هذه اللفظة، وقال: تفرد بها هشام فيحمل على وهم وقع له، وقيل: إنه كان قد خولط في عقله آخر عمره، وقد أشار الشافعي في (الأم) إلى تضعيف هذه الرواية.

  لانفراد هشام بها دون أصحاب أبيه، وأجيب بأن هشاماً ثقة حافظ، والحديث صحيح، فلا وجه لرده، بل يجب تأويل هذه اللفظة؛ وقد أُولَت على وجوه:

  منها: أن لهم بمعنى عليهم كما في قوله تعالى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا}⁣[الإسراء: ٧] وهذا قول المزني والخطابي، وروي عن الشافعي، والمعنى اشترطي عليهم الولاء، وضعفه النووي لأنه أنكر الاشتراط، ولو كانت بمعنى على لم ينكره.

  ومنها: أنه خاص بقصة عائشة، وهذا حكاه النووي عن أصحابه، وقال: هو الأصح، قال: واحتمل هذا الإذن وإبطاله في هذه القصة، وهي قضية عين لا عموم لها.

  قالوا: والحكمة في الإذن به ثم إبطاله أن يكون أبلغ في قطع عادتهم في ذلك وزجرهم عن مثله، كما أذن ÷ لأصحابه بفسخ الحج إلى العمرة، وخصهم بذلك ليكون أبلغ في زجرهم عما اعتادوه من منع العمرة في أشهر الحج، وقد يحتمل المفسدة اليسيرة في جنب مصلحة عظيمة.

  واعترضه ابن دقيق العيد بأن التخصيص لا يثبت إلا بدليل.