المسألة الخامسة [دلالة الآية على أخذ العوض على الفتيا والقضاء]
تنبيه [مكافأة الهدية]
  في بعض الروايات السابقة أن النبي ÷ كان يثيب على الهدية، ومعنى الإثابة المجازاة عليها والمكافأة، وقد اختلف العلماء في ذلك، فذهب الجمهور إلى عدم وجوب المكافأة، وقالوا: إنما الإثابة مندوبة فقط.
  وروي عدم الوجوب عن المؤيد بالله، وفي شرح الإبانة أن الذي تقضي به مسائل الناصر: أن الهبة لا يثبت لها عوض إلا بالشرط، وذكر - يعني الناصر - في كتاب (الألفاظ) أن الواهب إن تعرض للعوض وجب على الموهوب له فيما بينه وبين الله تعالى أن يعوضه.
  قال شارح الإبانة: فدليل هذا الكلام أن الهبة بمجردها لا تقتضي الثواب والعوض، وذلك قول عامة أهل البيت، وأبي حنيفة وأصحابه.
  وقال الشافعي: إذا وهب لمن فوقه فإنها تقتضي الثواب بمجردها، وقوله الثاني مثل قولنا.
  وفي حواشي شرح الإبانة عن أبي طالب أنها تقتضي الثواب، وذكر بعض المالكية أنها تجب المكافأة إذا أطلق المهدي، وكان ممن مثله يطلب الثواب، كالفقير للغني، بخلاف ما يهبه الأعلى للأدنى، قيل: وهو قول الشافعي في القديم؛ وروي عن الحنفية، والشافعي في الجديد أن الهبة في الثواب باطلة، لأنها بيع مجهول؛ ولأن موضوع الهبة التبرع، وقال أهل المذهب: إن جرت العادة بأن الولائم والمآتم يفعل ذلك فيها ليفعل المهدى إليه مثلها وجبت المكافأة له حسب العرف.