المسألة السابعة [القدرة على المحدث حال حدوثه]
المسألة السابعة [القدرة على المحدث حال حدوثه]
  قال الرازي: احتج أصحابنا بهذه الآية على أن المحدث حال حدوثه مقدور لله تعالى، خلافاً للمعتزلة. ثم قال: وبيان استدلال الأصحاب أن المحدث حال وجوده شيء، وكل شيء مقدور، وهذا الدليل يقتضي كون الباقي مقدوراً تُرِكَ العمل به فيه، فيبقى معمولاً به في محل النزاع(١): لأنه حال البقاء مقدور. على معنى أنه قادر على إعدامه، وأما حال الحدوث فيستحيل أن يقدر الله على إعدامه. لاستحالة أن يصير معدوماً في أول زمان وجوده، فلم يبق إلا أن يكون قادراً على إيجاده.
  قلت: حاصل كلامه أن عموم الآية يقتضي أنه قادر على إيجاد المحدث حال إحداثه، وإعدامه في تلك الحال، خصصنا الإعدام بالعقل؛ لاستحالته، فيبقى محل النزاع وهو تعلقها به حال الحدوث للإيجاد داخلًا تحت العموم؛ وأما قدرته عليه حال البقاء فليس من محل النزاع؛ لأن القدرة لا تتعلق به للإيجاد؛ لاستحالة إيجاد الموجود، فلم يبق إلا تعلقها به للإعدام ونحوه.
  واعلم أن ما ذكره عن المعتزلة صحيح، فإنهم يقولون: إن الفعل يستغني عن القدرة حال حدوثه، فلا تتعلق به؛ ومرادهم بحالة الحدوث أول أوقات الوجود؛ ولا أعلم بينهم في ذلك خلافاً، إلا ما روي عن أبي الهذيل من الخلاف في أفعال القلوب،
(١) وهو تعلق القدرة به حال حدوثه. تمت مؤلف.