المسألة الثالثة [إنزال الآلام والنقائص]
المسألة الثالثة [إنزال الآلام والنقائص]
  أن ما ينزله الله تعالى بخلقه من الآلام والنقائص ونحوها(١) لا ينافي وصفه تعالى بأنه الرحمن الرحيم وأرحم الراحمين، ونحوها من الأوصاف الدالة على كونه في أعلى درجات الرحمة بخلقه، وذلك أن الألم إن كان لغير المكلفين فهو من الرحمة لهم؛ لأنه لا يفعله إلا المصلحة لذلك المؤلم، وإن اختلف أصحابنا في ماهيتها، فقال أبو علي وأصحاب اللطف: إنما يحسن من الله تعالى للعوض فقط.
  وقال السيد (مانكديم)، والإمام (المهدي) و (جمهور البصرية): بل لا بد في حسنها من العوض والاعتبار للمكلفين لتخرج بالأول عن الظلم، وبالثاني عن العبث.
  وقال الإمام القاسم بن محمد #: بل ذلك لمصلحة يعلمها الله تعالى وإن جهلناها؛ لأنه قد ثبت أنه عدل حكيم، ومن حكمته أنه لا ينزل الألم بغير العاصي إلا لمصلحة.
  قلت: وعلى أي وجه أنزله عليه من هذه الوجوه فهو تفضل ورحمة، فثبت عدم المنافاة. وإن كان إنزال الألم بالمكلف فهو إما مؤمنٌ أو عاص، فإن كان مؤمناً فلا شك في كونه رحمة له لأنه إما للاعتبار أو للتأديب، أو للتعريض على الصبر والرضا اللذين يستحق عليهما الثواب الكثير، وإما لتكفير الذنوب، وإما لمصلحة له يعلمها الله تعالى، وإنزال الألم على أحد هذه الوجوه ثابت كتاباً وسنة،
(١) كالهموم والغموم. تمت مؤلف.