المسألة الثانية [في بحث لفظة (كل) مع ألفاظ العموم]
  لأنه استثناء، فيجب اطراد الحكم فيه أينما وجد؛ يوضحه الشرط، فإنه لما اقتضى أن يخرج به من الكلام ما لولاه لو جب دخوله تحته لم يفترق الحال فيه بين العدد وغيره؛ على أنا لا نسلم كون الأسماء النكرة صالحة لأن يدخل غيرها تحتها؛ إذ لو صلح ذلك لصلح دخول الاستثناء فيها، وقد ثبت أنه لا يجوز حقيقة.
  فإن قيل: قد حكى ابن دريد عن أهل اللسان: رأيت رجلاً إلا زيداً.
  قيل: لم يصح ذلك عنه، ولو صح ذلك فمجاز، ونحن قلنا: إن الاستثناء لا يدخله(١) حقيقة. هذا تلخيص كلام الموفق بالله #.
[المسلك الثاني: في تعيين ألفاظ العموم]
  المسلك الثاني: في تعيين الألفاظ الموضوعة للعموم، والدليل على كل لفظ منها أنه موضوع لذلك. والكلام في هذا المسلك يكون على كل كلمة من تلك الكلمات في الموضوع الذي يليق بها في كتاب الله تعالى، وقد مر الدليل على أن اسم الجنس، والجمع المعرفين بلام الجنس للعموم في الفاتحة، وسائر الألفاظ تأتي في مواضعها إن شاء الله، والكلام الآن في أن لفظ (كل) موضوع للعموم، والذي يدل م على ذلك ما مر من تأكيد ألفاظ العموم بها، وتبادره من إطلاقها، وقصد أهل اللغة عند إرادة الشمول إلى التعبير بها، وصحة الاستثناء من مدخولها، وذلك واضح، ويكفي في دلالتها على العموم الآية حرية التي نحن بصددها كما مر تقرير ذلك، وفي معناها آيات،
(١) أي لا يدخل الاسم النكرة أي لا يصح الاستثناء منه. تمت مؤلف.