المسألة الثانية عشرة [استطراد في السمع والبصر]
تنبيه: [في القضاء حال الغضب]
  اختلف العلماء في القضاء حال الغضب ونحوه، فقال في البحر وهو المذهب بتحريمه، وهو قول بعض الحنابلة لظاهر النهي، ولا موجب لصرفه عن معناه الحقيقي، وظاهر كلام الجمهور حمله على الكراهة نظراً إلى العلة المستنبطة لذلك، وهي ما تقدم، قالوا: ومثل ذلك قد يؤدي إلى الخطأ في الحكم، ولكنه ليس بمطرد مع كل غضب، ومع كل إنسان.
  قال في (الروض النضير): فإن أفضى الغضب إلى عدم تميز الحق من الباطل فلا كلام في تحريمه، وجعل بعضهم دليل الكراهة قضاؤه ÷ للزبير بعد أن أغضبه الأنصاري، وفتواه في لقطة الإبل حال غضبه، وقال: «مالك ولها دعها».
  قال: وفي هذا جمع بين الأدلة، ورد بأنه لا يصح إلحاق غيره ÷ به في مثل ذلك؛ لأنه معصوم عن الحكم بالباطل في رضاه وغضبه، بخلاف غيره فلا عصمة تمنعه عن الخطأ، وقيد إمام الحرمين، والبغوي الكراهة بما إذا كان الغضب لغير الله، وفيه بعد لمخالفته لظاهر الحديث، ولأن العلة التي لأجلها وقع النهي حاصلة في الجميع.
  وقال في (البدر التمام): الأولى أن يقال: إنه يختص النهي بما إذا أدى الغضب إلى عدم تميز الحق من الباطل، فهو سبب النهي وإن كان الغضب دون ذلك.