مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة التاسعة [أحكام تتعلق بالثواب]

صفحة 2377 - الجزء 4

المسألة التاسعة [أحكام تتعلق بالثواب]

  اعلم أن القرآن العظيم قد اشتمل على آيات متعددة في وعد المؤمنين بالثواب، وكلها دالة على أن إثابتهم لا تكون إلا بمنافع عظيمة دائمة خالصة، مستحقة على جهة التعظيم والإجلال، ومنها الآية التي نحن بصددها، فيستنبط من ذلك أحكام تتعلق بالثواب:

  الأول: صحة ما ذكره أصحابنا في حد الثواب من كونه نفعاً مستحقاً خالصاً عن كل كدر، واقعاً على وجه الإجلال والتعظيم الدائم الذي تتوق إليه النفس وتشتهيه، وهذا الحد ذكره الموفق بالله، وحدود سائر الأصحاب مطابقة له في المعنى. ودلالة الآية وما في معناها على صحة هذا الحد ظاهرة، فإن الله تعالى إنما وعدهم بمنافع من جنات، وأزواج طاهرات، وأرزاق متتابعات، وقرنه بالدوام الذي لا ينقطع، وجعل ذلك لهم جزاءً مستحقاً على إيمانهم، وصالح أعمالهم، وافتتحه بالأمر بالبشارة؛ فأي نفع وتعظيم وخلوص عن كل كدر وخيم أعظم من هذا.

  الحكم الثاني: أن الثواب لا يكون مدحاً مجرداً؛ لأن الوعد وقع بغيره، كما في الآية هذه وغيرها، والعقل أيضاً يدلُّ على ذلك فإن الله تعالى إذا كلفنا الأفعال الشاقة فلا بد أن يكون في مقابلتها من الثواب ما يعتد به، وإلا كان التكليف عبثاً وظلماً، ولا شكَّ أن المكلف لا يعتد بمجرد قول الله تعالى في يوم الجزاء لقد أحسنت بما فعلته من طاعتي وتركته من معصيتي، في جنب ما تحمله من مشاق الطاعة