المسألة الأولى [إثبات نبوة سيدنا محمد ÷]
  الثاني: أن الإعجاز لو كان متعلقاً بفصاحته وبلاغته لم يصح أن يكون متعلقاً بعنصره الذي هو اللفظ والمعنى؛ لأن ألفاظه ألفاظ العرب قال تعالى: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ}[الشعراء ١٩٥] ومعانيه أكثرها موجود في الكتب المتقدمة، قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ ١٩٦}[الشعراء] فتعين أن يكون متعلقاً بصورته، وهي النظم المخصوص؛ إذ لا تختلف الأحكام والأسماء إلا باختلاف صورة الشيء لا بعنصره: كالخاتم والقرط والسوار، فإن باختلاف صورها اختلفت أسماؤها لا بعنصره، الذي هو الذهب والفضة والحديد؛ فإن الخاتم المتخذ من الذهب والفضة والحديد يسمى خاتما وإن اختلف عنصره، وإن اتخذ من الذهب خاتم وقرط وسوار اختلفت أسماؤها وإن اتحد عنصرها، وليس ذلك إلا لاختلاف صورها، فصح أن القرآن لم يتميز عن غيره من ألفاظ العرب وما تضمنته الكتب المتقدمة إلا بصورته، التي هي النظم المخصوص، فوجب أن يكون هو وجه إعجازه.
  قال الأصبهاني: وبيان كون النظم معجزاً يتوقف على بيان نظم الكلام، ثم بيان أن هذا النظم مخالف لنظم ما عداه.
[مراتب تأليف الكلام]
  فنقول: مراتب تأليف الكلام خمس:
  الأولى: ضم الحروف المبسوطة بعضها إلى بعض: لتحصل الكلمات الثلاث: الاسم، والفعل، والحرف.
  والثانية: تأليف هذه الكلمات بعضها إلى بعض لتحصل الجمل