المسألة الثالثة: [تفسير القتل بالتوبة]
  إذ تحصل مدة البقاء بين الجراحة والموت؛ ولو سلم ما ذكره القاضي في معنى القتل فلا يلزم منه قبيح؛ أما عند الأشاعرة فظاهر؛ لأنهم لا يشترطون حصول المصلحة في التكليف، ولهذا قالوا: أمر من يعلم موته على الكفر بالإيمان، ولا مصلحة له في ذلك؛ إذ لا تحصل منه فائدة إلا استحقاق العقاب، ولا يقبح من الله تعالى قبيح عندهم. وقد أبطلنا مقالتهم هذه فيما مر.
  وأما عند العدلية فلأنه لا مانع من أن يكون له في علمه بأنه مأمور بذلك الفعل مصلحة؛ نحو: أن يعلم أنه سيقتل نفسه غدًا، فإن علمه بذلك مصلحة يكون داعيًا له إلى ترك القبيح من ذلك الوقت إلى الغد.
المسألة الثالثة: [تفسير القتل بالتوبة]
  ظاهر الآية يقتضي كون التوبة مفسرة بالقتل، وأنه نفس توبتهم. وهذا قول سفيان بن عيينة؛ روي أنه قال: التوبة نعمة من الله أنعم بها على هذه الأمة دون غيرها من الأمم، وكانت توبة بني إسرائيل القتل. وقيل: ليس القتل نفس التوبة، وإنما هو شرط فيها، والشرط قد يطلق عليه اسم المشروط مجازًا، كما يقال للغاصب إذا قصد التوبة: توبتك رد ما غصبت، يعني أن توبتك لا تتم إلا به.