المسألة الثالثة [احتجاج المجبرة بهذه الآية]
المسألة الثالثة [احتجاج المجبرة بهذه الآية]
  احتجت المجبرة بهذه الآية على كون أفعال العباد مخلوقة الله تعالى، ووجه الاحتجاج بها أن المراد بالإنعام في الآية نعمة الإيمان، ولفظ الآية صريح في أن الله هو المنعم بهذه النعمة، فثبت أن الله تعالى هو الخالق للإيمان والمعطي له، وأيضا الإيمان أعظم النعم، فلو كان فاعله هو العبد لكان إنعام العبد أشرف وأعلى من إنعام الله، ولو كان كذلك لما حسن ذكر إنعام الله في معرض التعظيم.
  والجواب: أنه قد تقدم لهم نظير هذه الشبهة في الاستعاذة في [المسألة] التاسعة من مسائل الحمد، وأجبنا ثمة بما فيه كفاية، ونقول هنا: من أين لكم أن المراد بالنعمة هنا نعمة الإيمان؟ لم لا يجوز أن يكون التوفيق واللطفح أو النصر وحسن الثناء الذي أنعم الله به على النبيئين وغيرهم ممن تقدمنا على القول بأنهم المرادون ونحو ذلك مما يفهم مما سبق؟ سلمنا أن المراد الإيمان فالمراد مقدماته أو الإيمان نفسه، وسمي نعمة من الله لأنه لما أقدرنا ودلنا عليه صار كأنه من جهته كما مر(١) عن جماعة من المتكلمين، ويكون من المجاز، وقد التزم السيد ما نكديم معنى هذا وهو صحة القول بأن القديم تعالى منعم علينا بالإيمان وأنه يستحق الشكر عليه، وعلله بأنه لما خلقنا أحياء وقوانا وأكمل عقولنا وخلق فينا شهوة القبيح والنفرة عن الحسن،
(١) في التاسعة من مسائل الحمد. تمت مؤلف.