الموضع الرابع: في ذكر شبه المخالفين وبيان بطلانها
  استدلوا به هنا، فالكلام عليه يقع في ثلاثة مقامات:
  الأول: في اختلاف العلماء في احتياج وقوع فعل القادر إلى مرجح أم لا.
  الثاني: في الدلالة على أن القول بالمرجح لا يوجب الجبر.
  الثالث: في المرجح ماهو وممن هو.
المقام الأول: [في احتياج وقوع الفعل إلى مرجح]
  اختلف المتكلمون في احتياج وقوع الفعل إلى مرجح، فقالت (البهاشمة)(١) وأتباعهم: كل أمرين استوى الداعي إليهما فإنه يصح من القادر اختيار أحدهما لا لمرجح، واختاره المقبلي، وهو ظاهر كلام (الإمام المهدي) # واحتجوا على ذلك بأنه يجوز من الهارب أن يسلك أحد الطريقين المستويين من كل وجه فيما يرجع إلى مقصوده من دون مرجح، وكذلك الجائع يتناول أحد الرغيفين المستويين لا لمرجح، وكذلك من دعاه الداعي إلى صرف درهم إلى أحد المسكينين المتساويين وغير ذلك، وادعوا العلم الضروري بذلك، ومن حججهم ما ذكره (الإمام المهدي) # في رد قول الفلاسفة بقدم العالم، وهو أن الفاعل ليس له بكونه فاعلاً حال، فيفتقر إلى مؤثر، وإنما المرجع به إلى أنه وجد منه ما كان قادراً عليه، وليس في ذلك شيء يفتقر إلى مؤثر، فيلتزم أنه حصل فاعلاً بعد أن لم يكن أي أوجد فعلاً بعد أن لم يوجد، ولا يلزمنا أن يفتقر إيجاده إلى مؤثر سوي قادريته.
(١) نسبة إلى أبي هاشم المعتزلي.