المسألة التاسعة [دلالة عناد إبليس]
المسألة التاسعة [دلالة عناد إبليس]
  دل قوله تعالى: {إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى} على أن ترك إبليس للسجود كان مع القدرة، وزوال العذر؛ لأن الإباء هو الامتناع مع الاختيار، قال الشاعر:
  فأما أن تقولوا قد أبينا ... فشر مواطن الحسب الإباء
  وفي هذا رد المذهب المجبرة؛ لأنهم يزعمون أنه أمر بالسجود مع عدم القدرة لانتفائها عندهم، فأبطل الله مقالتهم بقوله في إبليس: {أَبَى}؛ إذ لو كان غير قادر لامتنع أن يقال فيه: أبي، ويؤيده قوله بعد: {وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ٣٤}[البقرة]؛ إذ لا يقال لمن لا يقدر على الفعل: إنه استكبر عنه، ولا يوصف بأنه كافر، هذا مع ذم الله تعالى إياه على الامتناع والاستكبار، وتوعده بعذاب النار، والذم والوعيد لا يجوزان لمن عُدِمَ القدرة والاختيار.
  وقد أجاب الرازي بدليل الداعي فقال: هل صدور ذلك الفعل عن قصد وداع أم لا؟
  قلنا: بل عن قصد وداع، وفاعلهما العبد، ولا يلزم التسلسل؛ لأن الإرادة لا تحتاج إلى إرادة.
  وقد استوفينا الكلام على هذه الشبهة في المقدمة وفي سياق قوله تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ}[البقرة: ٧].