مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

الموضع الثاني: في بيان محل الخلاف

صفحة 128 - الجزء 1

  ويخرج منه قول القائل: فلان ظالم فاسق؛ إذ ليس بإخبار باستحقاق مع كونه ذماً عند جميع العقلاء وأهل اللغة، ثم يستلزم أن يخرج مدح الباري تعالى، وذلك خلاف ما أجمعت عليه هذه الأمة ومن سبقها من الأمم.

الموضع الثاني: في بيان محل الخلاف

  اعلم أنه لا نزاع في أن العقل يستقل بمعرفة الله تعالى ووحدانيته.

  قال ابن المنير الإسكندري: اللائق بقواعد السنة أن يقال: أما معرفة الله تعالى ومعرفة وحدانيته، واستحالة كون الأصنام آلهة فمستفادة من أدلة العقول، وقد ترد الأدلة العقلية في مضامين السمعيات، وأما وجوب عبادة الله وتحريم عبادة الأصنام فحكم شرعي لا يستفاد إلا من السمع. ذكره في حاشيته على الكشاف. ولا خلاف أيضاً أن العقل يستقل بمعرفة الحسن والقبيح بمعنى ملاءمة الطبع ومنافرته، أو كونه صفة كمال أو صفة نقص، وهذان القسمان، قال الرازي: لا شك في معرفتهما بالعقل.

  قلت: أما المعنيان الأولان وهو ما كان بمعنى الملائمة للطبع والمنافرة فليسا عقليين عند التحقيق؛ إذ يدركهما من لا عقل له، وبهذا يسقط قول الإمام المهدي: إنه يلزمهم قبح بعض المحسنات كالفصد والحجامة لتألم النفس بهما، وهم قد فسروا منافرة الطبع بتألم النفس، ويلزمهم حسن ما يلتذ به من المقبحات كالكذب والظلم، لأنهم قد فسروا الملائمة بالالتذاد النفسي، وبيان سقوطه أنهم يلتزمون ذلك