مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة السابعة [وجوب النظر]

صفحة 2140 - الجزء 4

  النظر في الدليل الواحد من وجه واحد، فأما إذا اختلف الوجه فهو لا يمنعه، ولذا قال: إن النظر في حدوث الفعل يدل على القادرية، وفي إحكامه على العالمية، وفي حسنه أو قبحه على الإرادة، فأجازكما ترى أن يتولد عن النظر في الفعل علوم كثيرة، فكذلك نقول في مسألتنا إنه يجوز أن يتولد عن النظر في الدليل من وجهين: علم جملي، وعلم تفصيلي، وقد أشرنا إلى كيفية توليده للعلم الإجمالي في الموضع الثالث⁣(⁣١)، وإذا ثبت أن عدم احتمال الدليل الزيادة والنقصان لا يستلزم منع العلم الجملي. ثبت أن العلم الجملي كافٍ فيحق العوام ونحوه. والله أعلم.

  قوله: ومثال المسألة أن الإنسان ... إلخ.

  قلنا: قد عرفت أن الإيمان الجملي كافٍ وهو لا يحصل إلا عن النظر، فلا يغرك ما زخرفوه في المثال وهولوا به من توقف المعرفة الإجمالية على ما ذكروه، وإنما تتوقف عليه المعرفة التفصيلية.

تنبيه [العلم بمدلول الدليل]

  قد مرَّ أن العلم بالدليل نفسه ضروري، وإنما النظري العلم بمدلوله، وهذا هو الذي بنى عليه القرشي وغيره، وهو قول المناطقة.

  قال القرشي: ولا بُدَّ أن ينتهي الاكتساب إلى الضرورة في طرفي التصور والتصديق، وإلا لم تنقطع المطالبة بما في التصوريات، وبلمَ في التصديقيات، بل كان يحتاج كل حد إلى حد، وكل دليل إلى دليل.


(١) في كلام الحاكم وغيره. تمت مؤلف.