المسألة الثالثة [الوجه البلاغي في الآية]
  ولو وجب ذلك لما صح قولنا: تحركت الشجرة. إذا حركتها الرياح، والمعلوم خلافه، والقرآن عربي ومن شأن العرب أن ينسب الفعل تارة إلى من وجد منه، وإن كان مسببه غيره، وتارة إلى المسبب وإن كان الموجد غيره، فكيف بالفعل الذي يكتسبه العبد ويوجده الله؟! بل ذلك أحرى أن يضاف إلى مكتسب بالقوة عليه والاختيار له، وإلى الله تعالى بإيجاد عينه وإنشائه تدبيراً.
  والجواب: أنا لم ننكر المجاز حتى يلزمنا ما ذكرت إلا أنا نقول: إن الأصل في الإطلاق الحقيقة، وأنه لو كان المراد هنا المجاز لما صح الإطلاق ولوجب نصب القرينة لما في تركها والحال ما ذكرتم من الألغاز والتعمية والحمل على الاعتقاد الفاسد، فإن قيل: القرينة معلومة وهو ما ثبت من أن الله تعالى هو الموجد لأفعال العباد؟ قيل: لو ثبت ذلك لكان قرينة كافية، لكنه لم يثبت بل قام الدليل على بطلانه واستقام السبيل على خلافه كما مر في مواضع وسيأتي، وأما ما ذكره من الكسب فلم يعقل معناه حتى يصح جعله قرينة موجبة للعدول عن الأصل.
المسألة الثالثة [الوجه البلاغي في الآية]
  اعلم أن الملاحدة وغيرهم يوردون وجوها من المطاعن في القرآن العظيم، منها ما يرجع إلى القدح في حفظه من الزيادة والنقصان والتغيير والتبديل، وهذا معلوم البطلان لثبوت تواتر آيات القرآن وحفظه من الزيادة والنقصان، ويكفي في إبطاله أنه لم يخل زمان