مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثامنة عشرة [حدوث العالم]

صفحة 847 - الجزء 2

الشبهة الخامسة

  قالوا: لا بد أن يكون القادر تعالى قادراً على إيجاد العالم قبل الوقت الذي أوجده فيه بمقدار عشرة أيام وإلا جاز عليه العجز أو على الممكن الاستحالة وكلاهما محالان، وإذا لزم قدرته على ذلك، فلمثله يلزم أن يكون قادراً على تقديمه بمقدار عشرين يوماً، فنقول: هل الحوادث التي لم يتسع لها إلا عشرون يوماً مثلاً يصح وجودها في العشر أولا، الأول معلوم البطلان بالضرورة، والثاني يستلزم أن يكون قبل وجود العالم أمور وجودية بعضها أوسع من بعض وهو الزمان فلزم قدمه وهو يستلزم قدم العالم.

  والجواب: أنه لا يلزم من تقدير شيء وقتين بعضهما أوسع من بعض حصول ذينك الوقتين في الوجود، فإن التقديرات ممكنة في المحالات⁣(⁣١) فضلاً عن الجائزات ولا يلزم من تقدير شيء وجوده، ونحن إنما قلنا: إنه يصح تقدير تقدم العالم بما يقدر بأوقات بعضها أوسع من بعض وذلك لا يستلزم ما ذكرتم، وبنحو هذا يجاب بقولهم: إذا وجد العالم في وقت صح أن يتوهم وجوده قبله بوقت وقبل الوقت بوقت إلى ما لا أول له مع أن هذا كله مبني على أن الزمان ليس من العالم الذي هو محل النزاع، وقد مر أنه اسم لكل ما سوى الله تعالى فيتناول الزمان ويكون استدلالاً بمحل النزاع ومبني أيضاً على أن الزمان موجود فيما لم يزل، ونحن لا نسلمه، ولقد عارضهم أبو الهذيل فقال: يجب إذا رأينا شخصاً قاعداً على كرسي فلا وقت


(١) كما لو قدر وجود ما علم الله أنه لا يقع هل يكشف عن جهل الباري تعالى أم لا تمت مؤلف.