المسألة الخامسة [دلالة الآية على مذهب العدلية في الأفعال]
  وموضع الإشكال إنما هو إقدام بني آدم على الفساد والقتل، دون غيرهما، فلذلك تعرضوا لذكرهما، ولم يقصدوا الغيبة.
  وأما مدح النفس فليس ممنوعاً مطلقاً، كما مر في الفاتحة.
المسألة الخامسة [دلالة الآية على مذهب العدلية في الأفعال]
  هذه الآية تدل على العدل ونسبة أفعال العباد إليهم من وجوه:
  أحدها: أنهم أضافوا الفساد وسفك الدماء إلى المخلوقين، لا إلى الخالق.
  الثاني: أنهم نسبوا التسبيح والتقديس إلى أنفسهم وتمدحوا به، ولو كان اللّه هو الفاعل لذلك لم يحسن التمدح به، ومعنى: {نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ}[البقرة: ٣٠]: أنا ننزهك عن مشابهة خلقك، وعن نسبة القبائح إليك، ونثني عليك بذلك، ونصفك به ومعنى {وَنُقَدِّسُ لَكَ} أنا نطهرك من نسبة ذلك إليك، وهو كالتأكيد للأول، وقيل: التسبيح والتقديس الصلاة، وهو مروي عن قتادة.
  وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله: {وَنُقَدِّسُ لَكَ} قال: نصلي لك.
  وعن مجاهد في قوله: {نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ}[البقرة ٣٠] قال: نعظمك ونكبرك، وعنه: نطهر أنفسنا من ذنوبنا وخطايانا، ابتغاء لمرضاتك، وقيل: نصفك بما يليق بك.
  وقال أبو مسلم: نطهر أنفسنا من ذنوبنا حتى تكون خالصة لك.